تتناول هذه الدراسة موضوع الهجرة القلبية المعنوية، والتي تعدّ جزءًا من الهجرة في الإسلام، إلى جانب الهجرة الجسدية المكانية التي تمثل الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام. ينقسم مفهوم الهجرة القلبية إلى نوعين: الهجرة إلى الله والهجرة إلى الرسول ﷺ. يركز البحث على توضيح هذا النوع المعنوي من الهجرة باستخدام المنهج المكتبي الكيفي والتحليلي. ظهرت النتائج اهتمام ابن قيم الجوزية ببيان حقيقة الهجرة القلبية، حيث عرّفها على أنها الأصل في مفهوم الهجرة، بينما تكون الهجرة الحسية تابعة لها. تُبنى الهجرة إلى الله على إخلاص العبودية له، تحقيق التوحيد، وتنقيته من الشرك، وهو جوهر شهادة أن لا إله إلا الله. يُلخّص جوهر هذه الهجرة في ترك ما يكرهه الله والفرار إليه، مع تحقيق توحيد الألوهية والربوبية. أما الهجرة إلى الرسول ﷺ فتتجلى في الالتزام بهديه ﷺ في جميع أمور الدين، واجتناب البدع. وتعتبر الهجرة القلبية واجبًا دائمًا على المسلم حتى الموت، كما تؤكد النصوص الشرعية التي تأمر بالتوحيد وإخلاص العبادة. وللنجاح في هذه الهجرة، يتطلب الأمر العلم النافع، الاجتهاد، الصبر، والصدق في اللجوء إلى الله، مع الاستعداد لتحمل الصعاب وعدم الالتفات إلى لوم الآخرين. وتبرز أهمية الصبر في مواجهة مشاق الهجرة وغربتها، حيث تعدّ هذه الرحلة شاقة، وأهلها غرباء بين الناس.
Copyrights © 2025